عليه جعله تفسير للعلم. فهاتان الروايتان في مقام تقديس الذات عن الجهل والعجز وعن اختصاص العلم والقدرة بمورد دون مورد وأن القدرة والعلم فيه تعالى غير مشوبين بشئ من العجز والجهل.
فتحصل من الآيات والروايات التي وأوردناها وما لم نورده في هذا الباب أن الله سبحانه متفرد ومتوحد بعلمه علما عيانيا وشهوديا بجميع ما سواه في عرض سواء من دون احتياج إلى رابط بينه وبين معلوماته من صور أو مثل، وأنه تعالى مقدس ومنزه عن الافتقار بشئ في واقعية العلم وحقيقته وتحققه، سواء كان في مرتبة ذاته، أو في مرتبة متأخرة عن الذات، أو كان الذات علة لوجود المعلوم من حيث كونه معلوما، إذ المعلوم لا ينحصر بالصور أو المثل أو الذات المنطوية فيهما الكثرات، بل العلم كشف على الإطلاق من دون تقييد وإضافة إلى شئ.
فاتضح أن الآيات الكريمة والروايات المباركة تذكرة وإرشاد إلى أن الله سبحانه كما أنه علم وعيان للأشياء في مرتبة وجودها، كذلك علم وعيان لها في مرتبة عدمها، أي العلم بالأشياء ولا أشياء. وكذلك علم وعيان للأفعال والحوادث صغيرها وكبيرها وهكذا الأعدام والفرضيات المستحيلة والممكنة.
ب - علمه تعالى في الاصطلاح قال الشيخ الرئيس: " فصل في أن واجب الوجود كيف يعقل الأشياء: فأما كيفية ذلك، فلأنه إذا عقل ذاته وعقل أنه مبدأ كل موجود، عقل أوائل الموجودات عنه وما يتولد عنها. ولا شئ من الأشياء يوجد إلا وقد صار من جهة ما واجبا بسببه. وقد بينا هذا. فتكون هذه الأسباب تتأدى بمصادماتها إلى أن توجد عنها الأمور الجزئية. فالأول يعلم الأسباب ومطابقتها فيعلم ضرورة ما تتأدى إليه وما بينها من الأزمنة وما لها من العودات. لأنه ليس يمكن أن يعلم تلك ولا يعلم