قال علي أمير المؤمنين عليه السلام:
الحمد لله المتجلي لخقله بخلقه، والظاهر لقلوبهم بحجته. (1) قال تعالى:
أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السماء كيف رفعت * وإلى الجبال كيف نصبت * وإلى الأرض كيف سطحت * فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر. (2) بيان: الآيات الكريمة توبيخ للمخاطبين بأنهم لم لا ينظرون ولا يستبصرون ولا يتدبرون في الآيات العظام التي خلقها الله تعالى لهداية عباده وسوقهم إلى المعارف التي لا بد من معرفتها والتدين بها. وبعبارة أخرى: إن هذا الاستدلال ليس في مقام إثبات أمر مجهول وحقيقة مشكوكة كي يستدل بهذه الآيات في تحصيل العلم والعرفان، ولا في مقام تعليم الجاهلين وتنبيه الشاكين، ليستدل بها في تعليمهم وإثبات ما كان مجهولا ومشكوكا عندهم: بل توبيخ وعتاب واحتجاج على المعاندين، وتذكرة وتنبيه للغافلين، وتأييد وتثبيت للمؤمنين والعارفين. وإن الكفر والعصيان ليس إلا من باب التجاهل والتسامح في ناحية الحق والعلم ومن باب الاستخفاف بمقام المعرفة والحقيقة، لوضوح الأمر وسطوح البرهان، لو كانوا يعقلون.
قوله تعالى: أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقته.
الاستفهام للتوبيخ والعتاب. ووجه تخصيص الإبل بالذكر دون غيرها من الأنعام: إن الإبل سفينة البراري والصحاري. خلقها الله تعالى قوية شديدة الطاقة لحملا لأثقال والركوب في الأسفار والمفاوز فتبرك وتشتد عليها الأحمال ويركبها من أراد ركوبها. وتقوى للنهوض والقيام مع عظيم جثته وثقل حمله. وهذه القوة