فرح يفرح - بمعنى تحير وفزع. وعلى هذا فالإله بالمعنى الأول مصدر بمعنى المعبود - مثل كتاب بمعنى المكتوب وعلى الثاني مصدر بمعنى المألوه فيه.
فالإله اسم من أسمائه تعالى لو حظ فيه عناية التحير. فإنه تعالى في عين ظهوره الذاتي في شدة غير متناهية، باطن بالحقيقة، فيتحير فيه العقول والألباب، فلا تنال ولا تدرك منه شيئا لا قليلا ولا كثيرا.
فالإله من أسمائه تعالى الحسنى موضوع بالوضع الشخصي له تعالى، مثل غيره من أسمائه الحسنى، على سبيل الاشتراك اللفظي. فعليه لا يعقل أن يكون " إلا " في هذه الآيات الشريفة بمعنى الاستثناء بل هو بمعنى الغير، وصف ونعت لما تقدم.
ضرورة أن الاستثناء من الأمر الشخصي ليس بمعقول.
ولا يخفى أن الآيات الكريمة مسوقة للتذكر إلى توحده تعالى بالألوهية فقط، لا في مقام إثبات الصانع وإثبات وحدانيته معا. فلا يستشكل على ذلك أن ثبوت شئ لشئ فرع ثبوت المثبت له. لأن الموضوع في هذه الآيات - وهو الله سبحانه - قد تعرف بالأدلة القطعية قبل مرتبة المحمول الذي هو التوحيد.
قال تعالى:
وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. (1) قوله تعالى: إلهكم مبتدأ. وإضافة إله إلى ضمير المخاطب، ليس لإفادة التعريف أو التخصيص، بل مثل إضافة إله ورب وأمثالهما إلى ياء المتكلم، مثل قول الموحدين: إلهي وربي وسيدي. فإن غرض المتكلم في إضافة هذه الأسماء إلى نفسه، ليس لتعريف الإله والرب ولا لتخصيصهما لنفسه دون من سواه، بل المراد الإقرار والتسليم والخضوع لإلهيته تعالى وربوبيته. وكذا إلا أضيف إلى غير ياء المتكلم نحو إله العالمين. فإنه لغرض التمجيد والتكريم لله سبحانه. وأما إضافة إله إلى ضمير