سياق التهديد. أي: إنه تعالى له مالكية السماوات والأرض وما فيهما وهو الوكيل المطلق في التصرف في خلقه كيف يشاء. إن يشأ يذهبكم ويأت بقوم آخرين.
فقد تحصل مما ذكرناه في المقام أن ثناءه تعالى على نفسه بكونه غنيا على الإطلاق وبكونه حميدا على الإطلاق فيما يفعل ويترك، وأنه تعالى لا إيجاب عليه في إدامة حياتهم وإبقاء ذواتهم، وأنه سبحانه إن شاء إذهابهم، لغنائه عنهم كان حميدا في ذلك. ولو أتى بخلق جديد، كان على فضله عليهم حميدا أيضا. وهذا البرهان الجلي الواضح لا يختص بالمخاطبين في الآية فقط، بل هو جار وسار في جميع سننه تعالى بلا استثناء شئ منها بالنسبة إلى جميع الموجودات، إلا ما وعده في لسان رسله بالسعادة والكرامة لقوم أو لشخص. فإنه سبحانه صادق القول ونافذ العدة، فلا يخلف الميعاد البتة.
الآيات الكريمة في هذا الباب كثيرة. وعليك بالتأمل والتدبر فيها واستخراج جميعها من القرآن الكريم. وهذه الآيات تتأبى عن التأويل الذي ذكروه في باب قدرته تعالى. وفيها تصريح وتذكرة بحقيقة القدرة وإبطال التأويل المذكور على ما سنشير إليه إن شاء الله.
روى الكليني مسندا عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
لم يزل الله عز وجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع، والبصر ذاته ولا مبصر، والقدرة ذاته ولا مقدور. فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم، وقع العلم منه على المعلوم، والسمع على المسموع، والبصر على المبصر، والقدرة على المقدور.... (1) بيان: الرواية الشريفة صريحة في أنه تعالى قدرة كله بذاته ولا مقدور، وصريحة في تنزيهه تعالى عن وجود مقدور في الأزل معه سبحانه، ومسوقة في