منزها على الإطلاق من جميع النقائص والعيوب، ذاتا وصفاتا وأفعالا، وكذلك واجدا لجميع شؤون الجلال والكمال. فهو سبحانه حميد على الإطلاق. وأكثر استعمال هذا الاسم الكريم في مورد التقديس والتنزيه. وقد يطلق في موارد التمجيد لبيان عظمته تعالى وكبريائه وجلاله. وفي موارد استعماله في التقديس، غير آب بحسب إطلاقه عن التمجيد. وكذلك في موارد استعماله في التمجيد غير آب عن التقديس.
فالحاصل أنه سبحانه أثنى على نفسه بالغنى عن خلقه وقدس نفسه من حيث ذاته وصفاته وأفعاله عن كل ما يشينه ويعيبه. قال مولانا زين العابدين عليه السلام في الصحيفة المباركة السجادية في دعائه في طلب الحوائج:
تمدحت بالغنى عن خلقك، وأنت أهل الغنى عنهم. ونسبتهم إلى الفقر، وهم أهل الفقر إليك.
فالظاهر أن الآية المباركة في مورد التعليل لقوله تعالى: إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وقوله تعالى: وما ذلك على الله بعزيز. فالمعنى: إن الله غني عنكم فلا إيجاب عليه بوجه في ابتداء إيجادكم ولا في إدامته. فيحمد تعالى على فضله عليكم في إيجادكم ابتداءا. ويحمد أيضا لو ذهب بكم بعدله وأتى بخلق جديد. ولا يعجزه تعالى ذلك ولا يمتنع عليه. فمفاد الآية الكريمة عدم إيجاب الخلق عليه تعالى ابتداءا وإدامة مع فعلية قدرته على الإيجاد والإبقاء. وتفيد أيضا عدم تحديد علمه وقدرته بالخلق الموجود والنظام الأصلح.
وقوله تعالى: " وما ذلك على الله بعزيز " إبطال للتأويل الباطل من أن القضية الشرطية - إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل - صادقة وإن لم يفعل أزلا وأبدا. وهذه الآية المباركة ثناء منه على نفسه بعدم العجز عن إذهاب الخلق وتبديله بخلق جديد.
قال تعالى:
ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق