الرسول الذي أطلعه الله على ما يشاء من غيبه، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة. (1) أقول هذا الحديث الشريف صريح في تعيين مصداق واضح للغيب. فعلى هذا فما مضى من حوادث العالم وما يأتي منها، من جملة الغيوب.
وروى الصدوق مسندا عن عمر بن عبد العزيز، عن غير واحد، عن داود بن كثير الرقي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب قال: من أقر بقيام القائم عليه السلام أنه حق. (2) أقول: الشواهد على ذلك كثيرة. والحاصل أن الغيوب مشهودة له تعالى، سواء كانت مما سيكون ويحدث، أو مما كان وحدث، من دون إضافة الذات إلى هذه الغيوب وليست لها الصور الأزلية والأبدية معه تعالى كي يكون تعالى عالما بها بهذه الصور.
قال تعالى:
وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين. (3) بيان: قد مجد تعالى نفسه بعموم علمه ونفوذه لجميع. فلا يفوت عن علمه شئ، مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض. فقوله: " عالم الغيب " صفة ونعت للرب. واللام في الغيب للاستغراق، فيعم جميع الغيب سواء كانت من الأعيان، أو من الأعراض كأعمال العباد بالجوارح والجوائح من أول الدنيا إلى آخرها وغيرها من الغيوب. وهذه الجزئيات المنقضية المتبدلة من الأعيان