بيان: قوله عليه السلام " مباينته إياهم مفارقته إنيتهم ". أقول: الظاهر أن المراد من مباينته تعالى الخلق ليست المباينة العزلية، بل المراد هي التفريق الحقيقي من جميع الجهات بين وجوده سبحانه وبين وجود ما سواه تعالى بالحقيقة. وبعبارة أخرى: هي البينونة الصفتية فلا يوصف سبحانه بشئ مما يوصف به الخلق بما له من المعنى. ولا يجوز تمجيد ما سواه تعالى وتنزيههم بما يجب تمجيده تعالى به وتنزيهه.
وقوله عليه السلام: " وكنهه تفريق بينه وبين خلقه " هذا أصرح ما في هذا الباب في التصريح والإظهار لمذهب أئمة أهل البيت عليهم السلام من أن توحيده تعالى هو المباينة بينه وبين خلقه.
قوله عليه السلام: " مبائن لا بمسافة ". صرح عليه السلام على أن البينونة بينه تعالى وبين الخلق ليست بينونة عزلة ومكان، لاستحالتها بالنسبة إليه تعالى، بل المراد أن المباينة مباينة ذاتية صفتية.
قوله عليه السلام " كل ما في الخلق لا يوجد في خالقه و... ". هذا تصريح وتأييد لجميع ما استظهرناه من المباينة الذاتية بينه تعالى وبين خلقه في هذه الخطبة المباركة في الموارد التي ذكرناها.
3 - الروايات الدالة على أنه تعالى خلو من خلقه وخلقه خلو منه روى الصدوق مسندا عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
إن الله تبارك وتعالى خلو من خلقه خلو منه. وكل ما وقع عليه اسم شئ ما خلا الله عز وجل، فهو مخلوق. والله خالق كل شئ. تبارك الذي ليس كمثله شئ. (1) وروى أيضا مسندا عن خيثمة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
إن الله تبارك وتعالى خلو من خلقه وخلقه خلو منه. وكل ما وقع