قال المولى المحقق صدر الدين الشيرازي: " أو يقول بأن علمه تعالى بالأشياء صور خارجية قائمة بذاتها منفصلة عنه تعالى وعن الأشياء وهي المثل الأفلاطونية على ما هو المشهور ". (1) أقول: القائل بهذه الفرضية أيضا قد استصعب عليه أن يعرفه علمه تعالى ولم يتمكن من معرفة أن الله عالم بما سواه مجردا كان أو غيره، شهادة كان أو غيرها، أزلا وأبدا على نحو الإحاطة في عرض سواء، فتشبث في إثبات علمه تعالى بالأشياء بالمثل. ولعل وجه ذلك أنهم لم يتمكنوا من معرفة حقيقة العلم غير ما افترضوا أن العلم إما حضوري أو حصولي في علم المخلوق ويحاولون إثبات ذلك في حقه تعالى فوقعوا فيما وقعوا. فإن المقايسة بين علمه تعالى وبين العلوم البشرية فاسدة. إذ لا جامع بين المقيس والمقيس عليه بوجه. ولم يعرفوا أن العلم الحصولي نفسه معلوم في عرض سائر المعلومات، فكيف يكون له كشف ذاتي عن الخارج بحيث يستحيل تخلفه عن الواقع. فإن الإصابة وعدمها غير مكشوف عند العالم بالعلم الحصولي، فيكون جهلا مركبا أحيانا وإصابة أحيانا. وعلى فرض كونه علما إنما يكون في حق الجاهلين بالواقع على نحو الإحاطة والعيان، وأما بالنسبة إلى الله وإلى أوليائه العالمين بتعليمه ومن كان علمه كشفا حقيقيا، فيستحيل أن يكون جاهلا بالخارج كي يتشبث في العلم به بالصور أو المثل.
قال المحقق الطوسي: " والإحكام والتجرد وكيفية قدرته واستناد كل شئ إليه دلائل العلم. والأخير عام ". (2) أقول: استدل على إثبات علمه تعالى بثلاثة وجوه: الوجه الأول: إن أفعاله تعالى محكمة متقنة. لأن آثار الحكمة والإتقان في العالم ظاهرة مشاهدة. ولا يكون الفعل محكما إلا أن يكون فاعله عالما. لأن وقوع الفعل المحكم من الفاعل الغير العالم