نظام التكوين والتشريع طبق المصلحة والحكمة.
وقوله تعالى: ما لكم من دون الله من ولي ولا نصير بمنزلة التفريع من عموم قدرته وملكه تعالى وشمولها لجميع ما سواه وما سواه سبحانه. والظاهر أن المراد من الولي النصير، من له الولاية الحقة تكوينا وتشريعا في القيام بأمرهم وإصلاح شؤونهم في دينهم ودنياهم وينصرهم على ذلك.
والخطاب في قوله تعالى: ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير وألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ليس خطابا مولويا كي يسأل عن وجه تخصيص الخطاب في الأولين برسول الله صلى الله عليه وآله وعن وجه تعميمه بالمؤمنين في الثالث. فإن الخطاب في الموارد الثلاثة للتنبيه والتذكرة إلى حقيقة تكوينية، إلا أن في الأولين تشريفا خاصا برسول الله صلى الله عليه وآله، حيث جعله صلى الله عليه وآله شاهدا على سعة اقتداره وشمول ملكه على كل شئ وشاهدا على بطلان مقالة اليهود ومن يتبعهم. وفي الخطاب إبراز العطوفة والعنان عليهم بأنه تعالى وليهم وناصرهم.
8 - قال تعالى:
يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن.
بيان: الظاهر من الآية الكريمة أنه تعالى كل يوم في شأن جديد من إحداث بديع لم يكن وإذهاب أمر قد كان. وهكذا سنته تعالى في جميع ما يحيط به علمه من الحوادث الحكيمة القيمة أن يأتي بشئ منها ويذهب بآخرين. وهو تعالى يعطي ويمنع ويحيي ويميت ويؤاخذ ويعفو. وحيث إن هذه الحوادث مؤسسة على حكمة فاضلة محكمة، فيحمد ويمجد بها ولا يجوز لأحد أن يسأله تعالى عما يفعل. وإياك أن تتوهم أن هذه الحوادث القيمة الحكيمة مستندة إلى المشية الأزلية التي توهمت.
روى البحراني عن مجالس الشيخ مسندا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن