بالحقيقة. ولكن المفوضة ينكرون تمليكه تعالى هذا. ويقولون في العباد بالاستطاعة والقدرة من دون الله. ولم يعرفوا أن هذا منهم إهانة بالنسبة إلى ساحة سلطانه جل ثناؤه. فهم أرادوا أن ينسبوه تعالى إلى العدل، فأخرجوه عن سلطانه.
6 - معنى الأمر بين الأمرين والأقوال فيه قال تعالى:
وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين.
وما تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما.
بيان: قوله تعالى: وما تشاؤون إلا أن يشاء الله في سياق قوله تعالى: ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا.
فالآية الكريمة مسوقة في مقام التحفظ للتوحيد وإبطال مقالة أهل التفويض المساكين. وقوله: لا تقولن لشئ حكم عقلي كلي على نحو القضية الحقيقية. أي: لا يجوز لأحد ممن عرف الله ووحده، أن يقول: إني أفعل غدا كذا وكذا، ويعتقد أنه يفعل كذا وكذا غدا من دون قيد ولا شرط. ضرورة أن فعل العبد كذا غدا متوقف ومنوط إلى إفاضة الحياة والشعور والعقل والقدرة والاستطاعة حال الفعل من الله تبارك وتعالى. وبديهي أنه ليس الآن مالكا للحياة والاستطاعة للعمل في الغد. فيكون قوله: أفعل كذا غدا من دون شرط واستثناء قولا جزافا باطلا.
وقوله تعالى: وما تشاؤون يفيد النفي على الإطلاق. وإلا أن يشاء الله استثناء من الأمر المنفي المطلق فيفيد شئ منه، أي إثبات المشية للناس بمشية الله