على النهوض والقيام عنقه وطور خلقته. وخلقها الله تعالى ذلولا مع شدة قوته وعظيم جثته. وسخرها للبشر لا يستعصي ولا يمتنع عليه: إن انقيد انقاد وإن استنيخ على صخرة استناخ. ولو قادها صبي أو إنسان ضعيف، لا يمتنع عليه. وكذلك من جهة احتياج العرب عليها. فإنها كانت حينئذ من أنفس أموال العرب وأنفعها.
روى المجلسي في الحديث المشهور بتوحيد المفضل عن الصادق عليه السلام قال:
أما ترى... البعير لا يطيقه عدة رجال لو استعصى، كيف كان ينقاد للصبي؟! (1) فالإبل مثل السماء والجبال آية من آيات التدبير والصنع الحكيم. فلا إشكال في الاستدلال بآية من الآيات الصغار في رديف آية من الآيات العظام. فلا حاجة إلى التكلف في تحصيل المناسبة بين الإبل والسماء والجبال والأرض، سيما إذا كانت من أوضح الآيات المناسبة لأفكار العامة.
قوله تعالى: وإلى السماء كيف رفعت.
بيان: البحث المناسب هو البعث عن حقيقة السماء ومعنى رفعها، إلا أن المفسرين قد اكتفوا في المقام بالبحث عن كونها آية وعلامة فقط. ولهم العذر المشروع في ذلك. فإن المفسرين من أهل السنة ليس لهم سبيل إلى ذلك لعدم الدليل عندهم من السنن النبوية. وأما الخاصة، فالروايات عن النبي وعن أئمة أهل البيت عليهم السلام وإن كانت كثيرة في جوامع أخبارهم، إلا أن هذه المسألة من أغمض المسائل الطبيعية والبحث عنها يحتاج إلى فحص بالغ وتعب في تنقيح المباحث المتعلقة بها والمدارك التي يدور البحث عليها، فيصعب الخروج عن عهدتها وإيفاء حقها وكسب النظر فيها. وها أنا أسوق إليك نماذج من مداركها. وتكميل ذلك