المجادلة الحسنة، على ما سيأتي من البيان إن شاء الله. فالبحث في ذلك يقع في مقامين.
ألف - الآيات الدالة على أن معرفته سبحانه أمر فطري بسيط 1 - قال تعالى:
ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب * قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى. (1) بيان: الظاهر أن قوله تعالى: أفي الله شك مسوق للرد والإنكار على الكافرين بالرسل وبما جاؤوا به وعلى الذين أظهروا الشك والارتياب في دعوتهم، ف " قالت رسلهم أفي الله شك ". فإنكار الكافرين على الرسل والشاكين في دعوتهم، وإن كان يعم جميع موارد دعوتهم، إلا أن الآية الكريمة اكتفت في الجواب عن مقالاتهم، بأن الشك والارتياب في وجوده سبحانه مما لا يمكن ولا ينبغي لعاقل ارتكابه، فالإقرار بوجوده سبحانه الذي هو الأصل الأصيل في دعوة الأنبياء، يكفي في إبطال جميع مقالاتهم وأباطيلهم.
ومما ذكرنا يعلم أنه لا شاهد ولا دلالة في الآية الكريمة على ما قاله بعض المفسرين من أن مورد الإنكار والإثبات هو توحيده تعالى فقط بعد الفراغ عن ثبوته سبحانه. ضرورة أن صدر الآية صريحة في كفرهم وارتيابهم فيما جاءتهم الرسل به على نحو الإطلاق. كما أنه لا شاهد فيها على أن المنكرين أجمعين هم