هذه. فيكون مدركا للأمور الجزئية من حيث هي كلية ". (1) أقول: مخلص كلامه في هذه الرسالة: أن علمه تعالى بالأشياء بتوسط الصور الزائدة على الذات القائمة بالذات. وهذا هو العلم المتبوع العلي. وعلمه بهذه الصور علم حضوري وبالأشياء علم حصولي. وهذا العلم علم عنائي. والله سبحانه فاعل بالعناية، يعلم الأشياء ويعلم فيضان الأشياء منه. ووجه ذلك وبرهانه: أنه تعالى عالم بجميع ما سواه وعلمه تعالى عين المشية والإرادة الذاتيتين، وهو علة للصور القائمة بذاته الزائدة على ذاته. وعلمه بالأشياء من قبيل العلم بأسبابها الكلية. والعلم بالأمور الجزئية المتشخصة المتبدلة، ليس من حيث العلم بتلك الأشياء الجزئية التي في معرض التغيير والزوال - لأنه يوجب التغيير في العلم - بل العلم بها من باب الحكم بها على نحو الكلي مثل حكم المنجم بالكسوف والخسوف عند شرط كذا وكذا.
وقال أيضا: " لا يجوز أن يكون عاقلا لهذه المتغيرات مع تغيرها من حيث هي متغيرة عقلا زمانيا متشخصا، بل على نحو آخر نبينه. فإنه لا يجوز أن يكون تارة يعقل منها أنها موجودة غير معدومة وتارة يعقل منها أنها معدومة غير موجودة ولكل واحد من الأمرين صورة عقلية على حدة ولا واحدة من الصورتين تبقى مع الثانية، فيكون واجب الوجود متغير الذات ". (2) وقال أيضا في تصحيح علمه تعالى بالجزئيات المتبدلة المتشخصة ما هذا لفظه: " وكما أنك إذ تعلم الحركات السماوية كلها فأنت تعلم كل كسوف وكل اتصال وانفصال جزئي يكون بعينه، ولكن على نحو كلي لأنك تقول في كسوف ما: إنه كسوف يكون بعد زمان حركة كوكب كذا من موضع كذا شماليا بصفة كذا ". (3)