قال تعالى:
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين. (1) بيان: الدب بمعنى الحركة، لا كل حركة بل حركة الحي. فالدابة هو الحيوان المتحرك.
والنكرة في سياق النفي تفيد العموم والاستيعاب، فتكون شاملة لجميع أنواع الدابة بريا وبحريا وجويا.
قوله تعالى: على الله رزقها فيه دلالة على أنه تعالى ألزم على نفسه القدوس بفضله ورحمته القيام على إدامة هذا الكيان الموجود إلى أجل معين ليسوق ويوصل إلى الحيوانات - الإنسان وغيره من أنواع الدابة، ومن الإنسان المحق والمبطل، البر والفاجر، المطيع والعاصي أرزاقها. فلا يقطع عنهم مواد رزقه وإن انقطعوا عن عبادته واستنكفوا عن عبوديته. وهذا هو الرحمانية العامة من غير اشتراط الرأفة والحنان، بل يكفي فيها وجود الحكمة والمصلحة، فتشمل الكرامة والاستدراج.
والآية الكريمة لا تدل على إيجاب إيصال الأرزاق للدواب على الله تعالى، لا بالذات ولا بالعرض.
وقوله تعالى: ويعلم مستقرها ومستودعها الظاهر أن المستودع ما يقابل المستقر. أي إن أرزاقها تساق إليها، سواء كانت في مستقر معين لها، أو في حال الانتقال من قرار إلى قرار آخر: فتسير أرزاقها إليها، حيث ما سارت. فلا فرق عنده تعالى بين المستقر والمستودع والمقيم والمسافر. فلا محالة يعرف سبحانه الأرزاق بجميع تقديراتها وتقسيماتها بكل فرد فرد من هذه الأنواع ويعلم المرزوقين بجميع مشخصاتها التي خلقها ويعرف مقرها ومسيرها. وهذا كله مكتوب في كتاب مبين.