قريب المفاد، بعضها يصدق بعضا. والوجه في اختلاف التعبيرات، هي العناية الخاصة في كل واحدة واحدة منها. فكلها مسوقة لسوق الناس إلى العرفان به تعالى ونعوته وكمالاته والعلم بسننه تعالى القيمة الفاضلة.
وفي هذه البيانات إشارات وشهادات على أنه سبحانه أخذهم بالأحكام الثابتة العقلية ويذكرهم بمقام عظمته وكبريائه سبحانه، وبمنحه الجميلة الجليلة إلى خلقه. فعليه يجب على كل من عقل وعرف الله تعالى ووحده، الاحترام بساحته.
ولا يجوز لأحد الإهمال والتسامح والتعمد في مراعاة جلاله وشؤونه تعالى. وليس لأحد أن يعارض مواعظه تعالى بالقساوة، ونصائحه سبحانه باللهو واللعب. بل يجب الاتعاظ والاتقاء حق تقاته في مقابل كبريائه وعظمته.
والمراد من البرهان بحسب اللغة هي الحجة القاطعة والدليل النوري. قال ابن منظور: " البرهان. الحجة الفاصلة البينة ". (1) وأما إطلاق البرهان على تنظيم المقدمات المنطقية لكسب العلم الحصولي، هو اصطلاح خاص ليس من مصاديق المعنى اللغوي الوارد في الكتاب والسنة.
1 - التذكر بالآيات قد ذكرنا أن القرآن الكريم مؤسس على التذكر والتذكرة. ومن التذكرات الواردة فيه التذكر بالآيات المشهودة بعجائب صنعه وسننه تعالى فيها. ولا يخفى أن هذا من مفاخر علوم القرآن، وبالتأمل الصادق والتفكر الصحيح فيها، يبلغ الرجل إلى أعلى درجات العرفان والإيمان.
وإياك أن تتوهم أن مطالعة الآيات عين برهان الإن لأنا نقول: كلا! إن مطالعة الآيات المشهودة تذكر وتذكرة إلى ظهوره تعالى الذاتي بآياته وخلقه المتأبي المقدس عن الخفاء.