قال تعالى:
وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون * وما من غائبة في المساء والأرض إلا في كتاب مبين. (1) بيان: في الآية الكريمة تصريح بإحاطة علمه تعالى بما تكن الصدور وما تخفي نفوسهم وما يعلنون. وحيث إن ما تكن الصدور غيب إضافي مشهود عند من له الصدر ومكنون بالنسبة إلى غيره، فهو من غيوب عالم الشهادة. ثم صرح تعالى أنه ما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين أي: جميع الغيوب التي في عالم الشهادة مكتوب ومثبت في كتاب مبين.
قال تعالى:
ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين. (2) بيان: صرح تعالى أنه يأمر الكتبة الكرام أن يكتبوا أعمال العباد، ما تقدم وما تأخر. وقد فسروه أن المراد ما تقدم على الموت. و " آثارهم "، أي أعمالهم التي بعد موتهم من السنن الحسنة أو السيئة. ثم صرح تعالى أنه أحصى كل شئ عددا ووزنا وكما وكيفا - أي بجميع الخصوصيات - في إمام مبين. وقد فسر جماعة من المفسرين الإمام بالكتاب. ولا يهمنا البحث في معنى الإمام. لأن الغرض من طرح هذا البحث هو أن الله سبحانه صحيفة نورية أحصى فيها كل ما في عالم الشهادة، غيوبها وشهاداتها. ولا يبعد شمولها لعالم الغيوب أيضا، لعموم قوله تعال: " وكل شئ أحصيناه في إمام مبين ". وهذا العموم في معرض التخصيص. وتعيين المراد من هذا الكتاب والصحيفة يحتاج إلى بحث آخر.
قال تعالى: