تكلم النار منهم كلما ولم تؤثر فيهم أثرا.
فلما رآهم أصحاب الشمال، قالوا: ربنا نرى أصحابنا قد سلموا فأقلنا ومرنا بالدخول. قال: قد أقلتكم فادخلوها. فلما دنوا وأصابهم الوهج، رجعوا فقالوا: يا ربنا لا صبر لنا على الاحتراق. فعصوا.
فأمرهم بالدخول ثلاثا: كل ذلك يعصون ويرجعون. وأمر أولئك ثلاثا، كل ذلك يطيعون ويخرجون. فقال لهم: كونوا طينا بإذني. فخلق منه آدم.
قال: فمن كان من هؤلاء، لا يكون من هؤلاء. ومن كان من هؤلاء، لا يكون من هؤلاء. ما رأيت من نزق أصحابك وخلقهم، فمما أصابهم من لطخ أصحاب الشمال. وما رأيت من حسن سيماء من خالفكم ووقارهم، فمما أصابهم من لطخ أصحاب اليمين. (1) 3 - الروايات الدالة على كينونة الإنسان بروحه وبدنه في عالم الذر أكثر الروايات الواردة في هذا الباب واردة في تفسير الآية الكريمة: وإذ أخذ ربك من بني آدم.... وفي هذه الروايات دلالة وشهادة على أن الإنسان المخاطب بقوله:
أسلت بربكم هو الإنسان الموجود الذري بروحه وبدنه. فإنه تعالى خاطبهم عن حضور وعيان وأشهدهم على أنفسهم بألوهيته وربوبيته وتوحيده، وأخذ منهم الميثاق على ذلك. فعدة مهمة منهم الذين فيهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والمؤمنون الكاملون، تعهدوا الوفاء بهذا الميثاق وأن لا ينكصوا ولا ينكثوا. وعدة مهمة منهم الذين فيهم المستكبرون وعظماء الجبارين وأتباعهم وأشياعهم قالوا:
آمنا بألسنتهم، وأنكروا بقلوبهم وأصروا على ذلك.