ومظهر لغيره ومبائن عن معلومه بالبينونة الذاتية الصفتية. فعلى هذا يستحيل انطواء شئ من المعلومات في ذات العلم بأي نحو فرضناه، ويستحيل اتحاد شئ من المعلوم مع العلم أيضا. وكذلك يستحيل تنزل العلم في مرتبة المعلوم وانقلاب ذاته فيصير مظلم الذات بعد ما كان كشفا ونورا ذاتا.
4 - حملة العرش:
قال تعالى: الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا. (1) قد عرفت سابقا في بيان حقيقة العرش أنه بحسب الروايات المباركة عبارة عن العلم الذي لا يقدر أحد قدره. والظاهر أن المراد من حمل العرش هو وجدان الإنسان أو الملائكة إياه وكون حامليه عالمين به، مستنيرين من نوره. فحملة العرش يرون ويشهدون بهذا النور الحقيقي، الخارج على ما هو عليه، فالخارج شهادة وعيان عندهم. وهذا من أعظم آياته تعالى.
لا يتوهم بعد هذه التوضيحات والتذكيرات أن المراد من العلم هو القطع والصورة الحاصلة للإنسان. فإن الإنسان ذاته وعينه والصورة وذا الصورة كلها معلومة بهذا العلم. وحيث إنه نوري الذات وكشف صريح عن معلومه، فهو منزه ومقدس عن جميع الأحكام الواردة على المعلوم من المظلمية والمعلومية والموصوفية.
ولا يتوهم أيضا أن العرش خزينة الحقائق ومجتمع الأعيان بالوجود العرشي وأن الأعيان تتنزل منه إلى عالم التفصيل والحدود ويكسوها هنا كسوة المادة.
قوله تعالى: ومن حوله - أي من حول العرش - عطف على قوله: الذين