من ذلك تقديم ما كان مؤخرا وتأخير ما كان مقدما.
إن قلت: بناءا على القول بالمشية الحادثة، يلزم أن لا يكون للعالم صورة ثابتة ونظم عنده سبحانه ويكون أمر الخلقة على مجازفة من غير تقدير وتدبير.
قلت: إن جميع ما خلقه تعالى متعين بالمشية الحادثة ومشاء ومراد ومقدر بتقدير العليم الحكيم، وهذا فعله تعالى المتعين. والمشية الثانية هي تعين ما يخلقه من خلق جديد أو محو ما كان ثابتا بالمشية الأولى. وكلتا المشيتين الحادثتين موافقتان للحكمة والمصلحة بالعلم الحادث الذي أفاضه على أنبيائه ورسله وملائكته.
2 - قال تعالى: إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. (1) أقول: القدر - بفتح الدال وسكونها - بمعنى واحد. وهو بحسب ما يدل عليه الكتاب والسنة تعيين حدود الأمر المشاء والمراد من جميع الجهات. وقد تقدم في البحث عن المشية والإرادة والقدر عن الرضا صلوات الله عليه أن القدر هو الهندسة من الطول والعرض والبقاء وأنه هو وضع الحدود من الآجال والأرزاق والبقاء والفناء.
قوله تعالى: تنزل الملائكة والروح فيها....
أقول: قوله: " تنزل " - بصيغة المضارع - يدل على استمرار نزول الملائكة والروح واستدامته في كل سنة أي، تنزل الملائكة والروح إلى الرسول أو خلفائه القائمين مقامه عليهم السلام بإذن ربهم في كل سنة وسنة.
قوله تعالى: والروح.
روى الكليني مسندا عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن