أفعاله تعالى، مقدر ومكتوب في الكتاب الأزلي وإن علمه تعالى محدود بذلك. وأما القرآن الكريم والروايات الواردة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام يقول: هو تعالى في مرتبة ذاته قدرة وعلم وكشف على النظامات الحسنة الحكيمة الغير المتناهية.
فإن قلت: أوليس أفعاله تعالى وخلقه على قدر مقدر ونظام حكيم؟
قلت: نعم، لا بد من ذلك والالتزام به. ولا خلاف في ذلك بين أكابر الشيعة وأعيانهم. ونسبة خلاف ذلك إلى الشيعة ناشئة من الجهل بمعارفهم وأصولها. فإنهم يقولون: إن التقدير المنظم العلمي أمر حادث جديد. ولو شاء تعالى محو هذا التقدير أو بعضه، فلا محالة يمحوه ويثبت مكانه آخر بتقدير حادث جديد. فلولا يشأ محوه ولم ينسخه ولم يثبت تقديرا آخر مكانه، فهو جرى على تقديره السابق الحادث. فالتقدير الجديد ليس هو التقدير الأول. وهكذا في كل تقدير جديد يرد عليه تقدير جديد آخر. كما يدل عليه تكرار ليلة القدر في كل سنة وسنة إجمالا فتحصل أن صريح الآيات المباركة بطلان التقدير الأزلي وبطلان انعزاله تعالى عن مالكيته واقتداره وانحصاره بالتقدير الواحد بل في وسعه وتمكنه تقديرات أخر في عرض هذه النظام إن شاء يحدثها. ومن هنا يعلم ضعف ما افترضوه واصطلحوا عليه من تعين النظام الواحد الأصلح بالمشية الأزلية. لأنه أولا تحديد لعلمه وقدرته تعالى. وثانيا: ما المراد من كونه أصلح؟ فإن أرادوا أن الأصلحية إنما تكون في أفعاله تعالى، فنعم، فإن أفعاله تعالى كلها حسن جميل. وإن أرادوا أن الأصلحية تكون في جميع ما يقع في هذا النظام من أفعاله تعالى وأفعال عباده، فهو مخالف لما عليه ضرورة العقول والشرائع الإلهية، لقدسه تعالى وتنزهه عن الفضائح والقبائح من أفعال عباده فسبحان الله عما يصفون وتعالى الله عما يقولون.
هذا تمام الكلام في إفادة الآيات كونه تعالى مبسوط اليد وأنه تعالى كل يوم في شأن يبتدئ ويبتدع به من إحداث بديع لم يكن لا في شأن يبديه.