فتحصل من جميع ما ذكرنا أن الآيات الكريمة والروايات المباركة تدل بحيث لا دافع لدلالتها، على إطلاق قدرته تعالى وعدم تحديدها بالنظام الواحد الأصلح.
فيكون تبديل قوم مكان قوم آخرين على مذهب أرباب الشرائع من الشؤون الجديدة التي يبتدئ بها. فإنه تعالى كل يوم في شأن حادث بالحقيقة يضع المستكبرين ويرفع المستضعفين ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين. ولا فرق في ذلك بين أجزاء النظام قليلها وكثيرها. فقد خلق السماوات والأرض بالحق لغرض وغاية حكيمة أرادها. فلو بدل شيئا من أجزائها وأشخاصها، فهو أيضا لغرض وغاية أرادها منزها ومقدسا عن الباطل واللغو والعبث.
ب - معنى قدرته تعالى في الاصطلاح قال الفيض: " فقدرته تعالى عبارة عن كون ذاته بذاته بحيث يصدر عنه الموجودات لأجل علمه بنظام الخير الذي عين ذاته. ولا يعتبر في القدرة إلا تعين الفعل بالمشية، سواء كانت المشية يصح عليها التغير أو لا. فالقادر من إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، سواء شاء ففعل دائما، أو لم يشأ فلم يفعل. والشرطية غير معلقة الصحة بصدق كل من طرفيها. بل قد يصح أن يكون أحد طرفيها أو كلاهما مما يكذب، كما حقق في محله. وإرادته تعالى بالنسبة إليه سبحانه عبارة عن كون ذاته بذاته داعيا لصدور الموجودات عنه على وجه الخير والصلاح لأجل علمه بالنظام الأوفق. فإذا نسبت إليه الموجودات من حيث إنها صادرة عن علمه، كان علمه بهذا الاعتبار قدرة. وإذا نسبت إليه من حيث إن علمه كاف في صدورها، كان علمه بهذا الاعتبار إرادة ". (1) وقريب منه عبارة المولى صدر الدين الشيرازي حيث قال: " القدرة فينا هي بعينها القوة وفي الواجب تعالى في الفعل فقط، إذ لا جهة إمكانية هناك. فليست