وفي هذا الباب روايات كثيرة من أرادها فليراجعها. وفيها شهادة ودلالة على أن الوجه في هذه الآية الكريمة وكذلك في غيرها من الآيات، ليس بمعنى ذاته تعالى. وفيها تصريح أيضا على أن الوجه في القرآن الكريم لم يطلق على الذات. ومن العجيب أن المحقق الكاشاني بعد ذكره عدة من الروايات قال: " وربما يفسر الوجه بالذات وليس بذلك البعيد ". (1) ومما ذكرنا من البيان اتضح تفسير قوله تعالى: كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. (2) ويزيد الأمر هنا وضوحا بأن الوجه الباقي فيها قد ذكر في مقابل ما هو الفاني على الأرض. فلا محالة يكون الوجه الباقي من جملة ما هو على ظهر الأرض. والله سبحانه يجل ويعظم عن مقايسته بما هو الفاني على الأرض واستثنائه سبحانه من جملة ذلك الفاني.
قال الزمخشري: وقرأ عبد الله: " ذي " على صفة " ربك ". (3) ومما ذكرنا يعلم أن هذه الآية الكريمة لا تصلح للاستدلال بها على أن الوجه المذكور فيها بقرينة " ذو الجلال والإكرام " هو ذات الله سبحانه.
وأما استدلاله بالحديث الذي أورده في المقام " لو دليتم بحبل إلى الأرض... " فهو في غاية الضعف. فإنه مرسل لم يعلم راويه ولا وثاقته. هذا أولا. وثانيا: قدت تقرر في علم الأصول أن كل خبر واحد واجد لشرائط الحجية في باب الأحكام، لا يمكن أن يكون حجة في باب المعارف والحقائق والموضوعات، فكيف بضعافه ومرسلاته، نعم، لا يجوز القول ببطلانه ورده بل اللازم السكوت عنه وإيحاله إلى الله وأوليائه، على أن فيه دلالة على تنزله تعالى في مرتبة الأجسام. وذلك يوجب