2 - تعارض النقلي والعقل الاصطلاحي أقول: العقل الاصطلاحي هي فعلية النفس لاستخراج النظريات من الضروريات بالبراهين المنطقية. وضروري أن هذا العقل، لا تعارض بينه وبين النقلي الوارد في باب الأحكام المولوية، فإن الإمامية الاثنا عشرية لا يرخصون أنفسهم في استنباط الأحكام بالعقل الاصطلاحي ولا بالقياس المشتهر بين علماء أهل السنة. ولا يخفى أن تسمية هذا البرهان المنطقي بالعقلي، لا يخلو عن المسامحة.
فالأنسب في التعبير، هو الدليل العلمي أو البرهان المنطقي. وهذا من الموارد التي خلطوا فيها المعنى الاصطلاحي بالمعني اللغوي الوارد في الكتاب والسنة.
أما ما يمكن أن يتوهم فيه التعارض بين القطع العقلي الاصطلاحي والدليل النقلي، فهو إما في باب المعارف الإلهية أو في باب الغيوب التي ضرب الله عليها الحجاب العمدي.
فأما في باب المعارف الإلهية، فنقول: إنه قد تقرر أن حجية المحكمات والظواهر المتواترة لفظا أو معنى في مقام الإفهام والتفهيم، ضرورية فطرية، ولم يتخذ الشارع في تعاليمه وبلاغاته سنة جديدة. فلا يحتاج إثبات حجيتهما إلى إقامة برهان عقلي. فلا محصل لدعوى أصالة البرهان العقلي لهذه المحكمات والظواهر التين استندت حجيتهما إلى الضرورة الفطرية. فيكون معارضة البرهان المنطقي مع الدليل النقلي من باب معارضة العلم الحصولي مع العلم الحقيقي. هذا أولا.
وثانيا: سلمنا أن كل دليل لفظي لا يمكن أن يكون حجة إلا بعد قيام دليل عقلي على حجيته. فعلى هذا مفاد آيات الكتاب العزيز - محكماتها وظواهرها - التي تفيد القطع، وكذلك الروايات الكريمة كلها تحتاج في حجيتها إلى العقلي. وقد قام البراهين الإلهية على حجيتها. فعلى هذا يكون التعارض المفروض من باب تعارض العقليين لا العقلي والنقلي. فإن كل ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات. فلا محالة يكون