3 - إن معاشر الموحدين من أمة القرآن ومن أعاظم التوحيد الذين يعرفونه تعالى بحقيقة إيمانهم وعرفانهم ويعرفون في هذا الموقف الخطير الذي توجهوا فيه بكليتهم إلى الله سبحانه، أنه تعالى يستحيل أن يتنزل بمرتبة هذه الأخباث والأرجاس. ويعبدونه تعالى في نسكهم وعباداتهم ومناجاتهم وتضرعهم إليه.
ويجدون أنه تعالى مقدس ومنزه من أن يكون كل الأشياء. ويجدونه معبودا ومستغاثا ومستجارا خارجا عن الحدين، حد التعطيل والتشبيه. ويعرفون أن هذا التعريف من فعله تعالى قد تفضل عليهم، ولا كيف لفعله.
4 - من تأمل في القرآن الكريم يشهد ويعرف أن المتكلم بهذا الكلام محيط بجميع العوالم وما فيها من الخلائق، ويتكلم بكلام الكبراء والعظماء مثل أنا، نحن وإنا، ويخاطب جميع ما سواه من أهل العوالم بأنحاء من الخطابات ويوقفهم في موقف العبودية والمخلوقية. فتارة يتحنن على أوليائه ويقربهم منه ويبشرهم بكراماته وحنانه وفضله. وتارة يتكلم مع أعدائه ويحذرهم عن سخطه ويهددهم بسطواته.
ويكلم جميع خلقه بلطائف من البيان ويستصلحهم بالهداية والرشاد ويستيقظهم من سكراتهم ويستخرجهم من الضلالات والجهالات بعنوان ألوهيته وكونه معبودا وملجأ ومستغاثا ومستجارا. ومع هذا كله ليس في القرآن ما يوهم أنه تعالى كل الأشياء أو شبيه ذلك، ولو على نحو الإشارة والكناية. فهو سبحانه يحمد نفسه ويمجدها ويعظمها ويقدسها عن كل سوء وشين.
5 - إن إطلاق لفظ الوجود والشئ عليه تعالى وعلى غيره، إنما هو على سبيل الاشتراك اللفظي، كما صرح عليه أئمة أهل البيت عليهم السلام. وإن كل ما يوصف به المخلوق لا يوصف به الخالق. وكذلك كل ما يمجد ويعظم ويقدس به تعالى، لا يطلق على غيره تعالى بما له من المعنى.
وأما استشهاده لقوله بقوله تعالى: فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع