بيان: الظاهر أن المراد من المعرفة في هذين الحديثين هو معرفة الله تعالى.
وأما ما سوى معرفته تعالى من المعارف - مثل الغيوب من البرزخ وعوالم الآخرة من الجنة والنار وغيرها - فيجب تحصيل العلم بها على طريق التعبد بالأدلة الشرعية القطعية. وكذلك الأحكام الشرعية يجب العلم بها من طريق الاجتهاد للفقهاء والتقليد للعوام. وأما المكارم والفضائل في باب الأخلاق والفرائض الذاتية والمحرمات الذاتية، فطريق العلم بها هو العقل الفطري. غاية الأمر لا يستغني الناس بالمعرفة بها عن تذكرة المذكرين وإرشاد العالمين.
وروى أيضا عن العدة مسندا عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: اكتب. فأملى علي: إن من قولنا:
إن الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم. ثم أرسل إليهم رسولا وأنزل عليهم الكتاب فأمر فيه ونهى. (1) بيان: المراد من التعريف في صدر الرواية، هو تعريفه تعالى نفسه إلى عباده.
وقوله عليه السلام " إن الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم "، أي: أعطاهم من البيان والتعريف تكوينا. وقوله عليه السلام: ثم أرسل إليهم رسولا، فيه شهادة على ما ذكرناه من أن ما سوى معرفته تعالى من الأحكام الشرعية وما سواها من المعارف التي لا بد من إعمال التعبد فيها. ليست من جملة التعريف التكويني.
وروى أيضا عن محمد بن أبي عبد الله مسندا عن درست بن أبي منصور، عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع: المعرفة والجهل والرضا والغضب والنوم واليقظة. (2) وروى، أيضا عن محمد بن يحيى وغيره مسندا عن ابن الطيار، عن أبي