المعارف الأصلية يجب تحصيل العلم والإيمان، والتصديق والتدين بها. قال تعالى:
فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقوا في الدين. (1) فقوله عليه السلام: " على الله البيان " نص على أن المعرفة لا يكون إلا بتعريفه تعالى. فلا تشمل المعرفة المذكورة في الرواية الشريفة تحصيل القطع بوجود الصانع بالمقدمات المتعارفة في المنطق الذي سموه معرفة بالوجه. فإنه تحصيل للحاصل. وليس التصدي لتحصيله إلا تكلفا مستغني عنه. أو يقال: إذا لا يمكن معرفته تعالى إلا بتعريفه سبحانه، فلا يكون المعرفة بالوجه معرفة بحسب الواقع وبحسب اللغة والشرع.
قوله تعالى:
لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها.
أقول: إن كان المراد من الموصول في الآية هو إقدار الله تعالى المكلف، فيصح الاستدلال بهذه الآية على أن معرفته تعالى خارجة عن وسع العباد.
وهذا هو الظاهر من سياق الآية الكريمة. وأما إن كان المراد من الموصول هو المال، تخرج الآية الكريمة من الدلالة على ما نحن بصدده.
قال الشيخ الأعظم الأنصاري " فإما أن يراد بالموصول المال بقرينة قوله تعالى: ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله. فالمعنى: إن الله سبحانه لا يكلف العبد إلا دفع ما أعطي من المال. وإما أن يراد نفس فعل الشئ أو تركه بقرينة إيقاع التكليف عليه، فإعطاؤه كناية عن الإقدار عليه. فيدل على نفي التكليف بغير المقدور، كما ذكره الطبرسي. وهذا المعنى أظهر وأشمل. لأن الإنفاق من الميسور داخل فيما آتاه الله... نعم، في رواية عبد الأعلى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: