ربهم لا نفرق بين أحمد منهم ونحن له مسلمون * فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هو في شقاق فيسكفيكهم الله وهو السميع العليم * صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون. (1) بيان: الآيات في مقام الاحتجاج على اليهود والنصارى. أمر الله سبحانه المؤمنين أن يظهروا الإيمان والإقرار بالله وبجميع أنبيائه ورسله تعالى بلا فرق بينهم بأن يؤمنوا ببعض ويكفروا بآخرين. ضرورة أن دين الأنبياء أجمعين هو دين الإسلام، فلا يعقل التبعيض بينهم: إن الدين عند الله الإسلام، فالكفر بواحد منهم، كفر بالله وبجميع رسله. وفرع من ذلك أن هؤلاء اليهود والنصارى لو آمنوا بمثل إيمانكم، فقد اهتدوا، وإن أعرضوا لشقاقهم وعداوتهم لك ولأوليائك، فإنه تعالى يكفيك شرهم.
قوله تعالى: صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة...
الصبغة - بالكسر - مثل الجلسة، أي: النوع من الصبغ. وفي إعرابه أقوال:
الأول: إنه منصوب بالإغراء. الثاني: إنه بدل من قوله تعالى: ملة إبراهيم. الثالث: قال الطبرسي: " مصدر مؤكد ينتصب عن قوله: آمنا بالله كما انتصب وعد الله عما تقدمه ". (2) أقول: الظاهر أنه بدل أو عطف بحذف العاطف على قوله تعالى: آمنا بالله أو على قوله: ونحن له مسلمون، والمعنى: آمنا بالله نتبع صبغته، أو ونتبع صبغته، أو يقال:
ونحن له مسلمون ونتبع صبغته.
ويظهر من كلماتهم أن المراد من الصبغة، الإيمان الذي هو عمل اختياري لهم وفريضة من الله عليهم، فيجب عليهم أن يكسبوا صبغ الإيمان ويتزينوا بحليته ووقاره وجماله وبهائه.