وبعث الأنبياء وإنارة حججه تعالى وتكاملها. لأنه لا تنافي بين الأدلة المثبتة وإنما التنافي بين المثبت والنافي. ولا مورد لتوهم تقييد هذه المطلقات بالمقيدات، لاحتمال أن تكون هذه المقيدات مسوقة بالعناية الخاصة في كل واحد واحد منها.
فهذا الإنسان الحاضر أفاضه تعالى معرفته إليه في عالم الأرواح، وعالم الطينة وعالم الذر، وكذلك في الدنيا وعالم النسل أيضا. ولا يخلو هذا الإنسان في هذه المواقف الكريمة والمشاهد الشريفة عن هذه الكرامة الكبرى والموهبة العظمى منه تعالى على تفاوت شدة مراتب العرفان في كل واحد منها.
والظاهر من الآيات والروايات أن أجلى وأظهر مواقف المعرفة هو عالم الذر وقد جمع الله تعالى فيه جميع الأولين والآخرين وتجلى لهم وخاطبهم وكلمهم بقوله:
ألست بربكم وأخذهم الله سبحانه الإقرار والإيمان بربوبيته تعالى وأشهدهم أنفسهم على ذلك. وإن لم يحتج سبحانه في أخذ هذا الإيمان والإقرار منهم على جمعهم في موقف واحد. وبديهي عند أولي الألباب أن الإقرار بربوبيته تعالى لا ينفك عن الإقرار والالتزام بولايته تعالى وولاية أوليائه وعداوة أعدائه.
روى المسعودي في خطبة كريمة عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال:
... ثم أخذ الله الشهادة عليهم بالربوبية والإخلاص وبالوحدانية.
فبعد أخذ ما أخذ شاب ببصائر الخلق انتخاب محمد وآله وأراهم أن الهداية معه والنور له والإمامة في آله، تقديما لسنة العدل، وليكون الإعذار متقدمات. ثم أخفى الله الخليقة في غيبه وغيبها في مكنون علمه.... (1) أقول: سيجئ البحث في العوالم السابقة، إن شاء الله تعالى.
ثم إذا أراد الله دخول هذا الخلق الموجود في العوالم السابقة في الدنيا ومرتبة