ثانيا: إن كان المراد من هذا الوجه أن النبي صلى الله عليه وآله قد جوز تبديل كلمات القرآن الموجودة بكلمات أخرى تقاربها في المعنى، ويشهد لهذا بعض الروايات المتقدمة، فهذا الاحتمال يوجب هدم أساس القرآن، المعجزة الأبدية، والحجة على جميع البشر... وقد قال الله تعالى: قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي... (سورة يونس: 15) وإذا لم يكن للنبي صلى الله عليه وآله أن يبدل القرآن من تلقاء نفسه، فكيف يجوز ذلك لغيره؟! وإن رسول الله صلى الله عليه وآله علم البراء بن عازب دعاء كان فيه (ونبيك الذي أرسلت) فقرأ براء: (ورسولك الذي أرسلت)، فأمره صلى الله عليه وآله أن لا يضع الرسول موضع النبي! فإذا كان هذا في الدعاء فماذا يكون الشأن في القرآن؟...
ثالثا: أنه صرحت الروايات المتقدمة بأن الحكمة في نزول القرآن على سبعة أحرف هي التوسعة على الأمة، لأنهم لا يستطيعون القراءة على حرف واحد، وأن هذا هو الذي دعا النبي صلى الله عليه وآله إلى الاستزادة إلى سبعة أحرف. وقد رأينا أن اختلاف القراءات أوجب أن يكفر بعض المسلمين بعضا حتى حصر عثمان القراءة بحرف واحد وأمر بإحراق بقية المصاحف.
ويستنتج من ذلك... أن الاختلاف في القراءة كان نقمة على الأمة وقد ظهر ذلك في عصر عثمان (ظهرت نقمته)، فكيف يصح أن يطلب النبي صلى الله عليه وآله من الله ما فيه فساد الأمة؟! وكيف يصح على الله أن يجيبه إلى ذلك؟!
وقد ورد في كثير من الروايات النهي عن الاختلاف، وأن فيه هلاك الأمة، وفي بعضها أن النبي صلى الله عليه وآله تغير وجهه واحمر حين ذكر له الاختلاف في القراءة... وحاصل ما قدمناه: أن نزول القرآن على سبعة أحرف لا يرجع إلى معنى صحيح، فلا بد من طرح الروايات الدالة عليه، ولا سيما بعد أن دلت