فمبدأ الأسرة والذرية نظام طبيعي في بني آدم، وقد أقره الله تعالى واستفاد منه في رسالاته للبشر.
وإذا كانت البشرية قد عانت الويلات والمآسي وأنواع الظلم والاضطهاد من نظام الأسر الفاسدة المتجبرة، فذلك يرجع إلى فساد تلك الأسر، ولا يصح جعله سببا لرفض بنية الأسرة وفكرتها. فهذه البنية الاجتماعية تختزن إيجابيات كبرى لحمل الرسالة واستمرارها، كما أن فيها خطر سلبيات كبرى أيضا بأن تتحول إلى ملك عضوض.
وقد تحدث القرآن عن الأجيال التي فسدت من أسر الأنبياء عليهم السلام وأتباعهم، وذم المنحرفين منها، واستثنى الصالحين، فقال تعالى:
(أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا. فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلوة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا. إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا). (سورة مريم: 58 - 60) الاختيار الإلهي الصعب على قريش!
من المتفق عليه بين المسلمين أن الله تعالى اختار بني إسماعيل من العرب، واختار بني هاشم من بني إسماعيل، واختار أسرة نبينا صلى الله عليه وآله واصطفاها لأن فيها خير خلقه صلى الله عليه وآله، ثم عترته الأئمة المعصومون الذين أمره الله أن يوصي المسلمين بمودتهم وطاعتهم، فنفذ أمر ربه كما في حديث الثقلين الصحيح المتواتر الذي روته مصادر الجميع مختصرا ومطولا، منه ما رواه أحمد: 3 / 17: (عن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى