رسالة أهل زمانه فحسب على حد ما قال سبحانه: * (وما أرسلناك إلا كافة للناس) * (1) هكذا كان قرآنه قرآن الناس عامة، وكتابه كتاب الخلق أجمعين اقتباسا من ضوء قوله تعالى: * (لأنذركم به ومن بلغ) * (2).
ومما لا شك فيه وهو بارز للحس والعيان أن الزمن في تطور، وأن أهليه معرض لتعاقب الثقافات المختلفة والمعارف المتعددة، فلكل دور طور، ولكل زمن معرفة وثقافة، لذلك نرى كثيرا مما كان يعد في زمن سابق حقيقة من الحقائق العلمية الثابتة يعود في زمن لاحق خيالا من الخيالات، أو حديث خرافة من الخرافات، والعكس بالعكس، ولو أردنا استعراض ذلك أو بعض ذلك طال الكلام، وضاق بنا المقام، ولعلنا نعرض أو نتعرض له في وقت آخر إن شاء الله تعالى، فإذا كان الأمر كذلك كان لزاما على الحكيم العلام بالغيوب أن يجعل القرآن مشتملا على نوع من الكلام يلين لكل زمن، ويتبين لكل دور، ويستجيب في تفسيره لمختلف الثقافات في مختلف الفنون والعلوم من الإلهيات والطبيعيات والفلكيات، إلى غير ذلك من مختلف أنواع المعرفة والحقائق العلمية الثابتة في مختلف الدهور والعصور.
المرحلة الرابعة: هو أن اشتمال القرآن الكريم على المتشابه من الكلام هل يكون مضرا بفصاحة كلماته؟ وقد سبق عليك في بحث إعجاز القرآن أن القرآن الكريم بلغ الحد الأعلى من الإعجاز - وإن اختلفت كلمتهم في وجه إعجازه -، فهل اشتماله على المتشابه يضر بهذه الفصاحة فتكون كلماته غير فصيحة حيث إنها مشتملة على الغرابة، والغرابة وصف يوجب الاخلال بفصاحة الكلمة الموجب للإخلال بفصاحة الكلام؟