رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونزل به الكتاب من الله تعالى، كان الله تعالى يقول: * (فاغسلوا وجوهكم) * فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل، ثم قال: * (وأيديكم إلى المرافق) * فوصل الله اليدين إلى المرفقين بالوجه، فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين، ثم فصل بين الكلام فقال: * (وامسحوا برؤوسكم) * (1) فعرفنا حين قال:
* (برؤوسكم) * أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء، ثم وصل الأرجل بالرؤوس فعرفنا حين وصلها بالرأس أن المسح على بعضها " فبهذا وإن كان استدلالا من الإمام نفسه، إلا أنه يتضمن تعليما لغيره كيفية الاستدلال بالكتاب، وهل يستدل إلا بما له ظاهر من اللفظ مقصود.
وجاء أيضا في المنقول عن الصحيح، عن زرارة ومحمد بن مسلم، قالا: قلنا لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في الصلاة في السفر، كيف هي؟
فقال (عليه السلام): إن الله تعالى يقول: * (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) * (2) فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر.
قالا: قلنا له: قال الله عز وجل: * (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح) * ولم يقل: افعلوا، فكيف أوجب ذلك، كما أوجب التمام في الحضر؟
فقال (عليه السلام): أو ليس قد قال الله تعالى: * (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * (3) ألا ترى أن الطواف بهما واجب مفروض؟ لأن الله تعالى ذكره في كتابه وصنعه نبيه، كذلك التقصير في السفر ذكره الله تعالى في كتابه وصنعه النبي (صلى الله عليه وآله).