استخبار، ولا نداء، ولا غير ذلك من أساليب الكلام.
هذا هو رأي الأشاعرة الذي أقروا به واستقروا عليه منذ القدم وإلى حد الآن، لكن العدلية من أنكروا هذا الرأي وأنكروه، ذلك أنهم قالوا: إننا لا نعقل ذلك المعنى الذي تدعيه الأشاعرة، فحيث لا نتعقله فلا نصدقه، وحيث إنه لا تصور فلا تصديق.
هذا الوجه - كما تراه - سلب مطلق من كل نواحيه، ذلك أنهم أنكروا تحقق الكلام النفسي، وأنكروه بكل وجه من الوجوه، ونحن لا نرانا نؤمن بهذا السلب المطلق بمطلقه، ذلك أنه طالما تردد الألسن أمرا كثيرا ما وردت به الآثار والأخبار وقد يجده الانسان من نفسه - والوجدان النفسي دليل يكفي عن كل دليل - وذلك ما يسمونه " حديث النفس " وهذا حاصل في وجدان كل متكلم يريد الكلام، وهو موجود ممكن في كل موجود ممكن بلا كلام.
أما لو حاولنا نسبته إلى الواجب فهل تراه على حد ما رأيناه من عالم الإمكان من الإمكان على نحو لا يتنافى وكرامة الخالقية، ولا يتناقض وقدس الواجبية.
قد نقول هنا: إنه غير ممكن النسبة إلى مقام الخالقية، لأنه نوع إعمال روية، ونحو من إجالة الفكر، وهذا لا يتناسب ومقام الواجبية.
وهكذا هنا نحن نقول وإن كنا وقفنا موقف السلب في كتابنا الكبير، وسننبه على ذلك في هامش الكتاب، وقد نأتي على ذلك بزيادة وضوح، وهناك شئ لا نجد بدا من التنبيه عليه، وقد يقدر له أن يكون الوسط بين هؤلاء الخصوم - إن نظر نظرة الاحتشام والاحترام - ذلك أننا نقول: ينبغي أن نفهم أولا وقبل كل شئ هل أن الكلام من صفات الذات أم من صفات الأفعال؟ فإن وفقنا لأن نفهم ما هو موقع الكلام من هذين الجانبين نجدنا قد وفقنا للتوفيق بين معترك هذه الآراء.