والحقائق أمارات تميز أحدها عن الآخر، وهنا أمارات الحقيقة حاصلة، لا أقل من التبادر، وهو أقوى علامات الحقيقة، فإطلاق الكلام على تلك الحروف والأصوات، حقيقة بلا كلام.
ومن تلك المحاذير: أنه يلزم علينا أن لا نلتزم بكفر من أنكر ما هو في المصحف الشريف مما بين الدفتين أنه كلام الله أو من كلامه، وهذا كما تراه لا يحتاج إلى مزيد بيان.
ومنها: لزوم الكذب على الله سبحانه وتنزيهه تعالى عن الكذب، شئ اتفقت عليه الكلمة من الفريقين - عدلية وأشعرية - وإن اختلف السبب في ذلك التنزيه، ومنشأ لزوم ذلك المحذور هو أن الكلام - حسب الفرض - هو ذلك المعنى النفساني القديم، فهو - إذن - أزلي بأزلية الذات، وقد وقع الإخبار فيه عن حوادث متجددة، لم تكن حين الإخبار عنها واقعة، وإنما وقعت بعد حين، في حين أن الإخبار عنها وقع بصيغة الماضي فكأنه واقع قبل الإخبار، وهذا في القرآن الكريم كثير، نراه في قوله تعالى: * (وقال نوح) * (1) * (وقال موسى) * (2) * (فعصى فرعون) * (3) إلى غير ذلك مما يفوت حد العد والإحصاء، وهذا - وحاشا لله - الكذب بعينه، وهل الكذب إلا الإخبار عما لا واقع له بأنه واقع، ولا ينفعنا جواب من أجاب بأن كلامه سبحانه في الأزل لا يخضع لزمان وإنما يتصف بالزمان في المتجددات بحسب ما له من التعلقات والارتباطات، وإنما لا ينفعنا هذا الجواب لأنهم حيث قالوا بأزلية الكلام النفسي - أعني المعنى القائم بالذات - قالوا إلى جنب ذلك بأن الكلام في الأزل هو مدلول