غير بيان، وإنما يتم ذلك لو عرف أنه تعالى حكيم وهو كذلك يتوقف على علمه تعالى بالقبيح واستغنائه عنه على العلم، وإنما بصدق الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى أصول قواعد الكلام.
قال آية الله العلامة الحلي في كتاب التهذيب في علم الأصول: وهذا لا يأتي على قواعد الأشاعرة.
وأقول: إنما قال طيب الله ثراه ذلك لأن من مبنى قواعد الأشاعرة إنكار الحسن والقبح العقليين، وعلى هذا المبنى لا ملزم عندهم بالتزام هذه الأشياء المذكورة، ولكن الصحيح أن معرفة ذلك واجب حتى على رأي الأشاعرة فإن إنكار الأشاعرة للحسن والقبح العقليين إنما هو إذا كانا بمعنى استحقاق المدح أو الذم، والثواب والعقاب في الآجل، أما إذا كان بمعنى النقص أو الكمال فهم يلتزمون بهما بلا كلام، ونظرا إلى أن تنزيه الله تعالى عن القبيح واتصافه تعالى بالحكمة هما من الحسن والقبح بمعنى النقص والكمال فهم قائلون بهما بلا إشكال.
ثالثها: أن يكون عارفا بالأحاديث الدالة على الأحكام، إما بالحفظ أو بالرجوع إلى أصل صحيح، وأن يكون عارفا بأحوال الرجال ليعرف صحيح الأخبار من معتلها، وأن يعرف أيضا من الكتاب ما يستفاد منه الأحكام وهو خمسمائة آية ولا يشترط حفظها، بل معرفة دلالتها ومواضعها بحيث يجدها عند طلبها، وعمدة ما يحتاج إليه هو علم الأصول بداهة أنه ما من مسألة إلا ويحتاج في استنباط حكمها إلى قاعدة أو قواعد برهن عليها في علم الأصول أو برهن عليها مقدمة في نفس المسائل الفرعية على ما هي طريقة المحدثين الأخباريين، ولا يوجب تدوين علم الأصول على حدة أن يكون بدعة لعدم تدوينه في عصر الأئمة (عليهم السلام) وإلا كان تدوين الفقه والنحو والصرف وغيرها من كثير من العلوم بدعة، وهذا ما لا يلزم به أحد.