فحيث تعرف هذا، فلتعرف موقع التناقض الموهوم من هذه الآيات وكيف اشتبه الحال في ذلك على المغرضين أو الجاهلين من المعترضين؟
إن تفسير هذه الآية الكريمة التي صدرنا بها موضوع هذا الكلام اختلف فيه على وجوه متعددة عند علماء التفسير، وعلى كل وجه من وجوه التفسير لا تناقض هناك لاختلال شرط من الشروط على كل وجه من وجوه التفسير.
فنقول: بأن معنى قوله تعالى: * (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) * (1) يعني لا يسأل المذنب عن ذنبه يوم القيامة، وفي ذلك الموطن خاصة، لما يلحقه من الذهول الذي تحار له العقول، وإن وقعت المسألة في غير هذه المواطن من المواطن الأخر، فإن للقيامة مقامات مختلفة وأحوال متفاوتة، فحينئذ - وبناء على هذا التفسير - يكون التناقض بين هذه الآية وبين قوله تعالى: * (وقفوهم إنهم مسؤولون) * (2) وبين أمثالها من الآيات، مرتفعا لعدم اتحاد الزمان، وقد عرفت فيما سلف أن من شرط التناقض اتحاد الزمان بين القضيتين.
هذا وجه من التفسير، وهناك وجه آخر وهو: أن معنى قوله تعالى: * (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) * يعني: لا يسأل عن ذنبه سؤال استفهام وإنما يسأل عنه سؤال تقريع وتوبيخ، فبناء على هذا التفسير أيضا لا تناقض بين هذه الآية وبين الآيات الدالة على السؤال، وذلك لاختلاف الوصف، والوصف شرط في الحقيقة، وعند اختلاف الشرائط يرتفع التناقض، فلا تناقض هناك.
وهناك وجه آخر من التفسير وهو أنه: روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: " إن