إنهاء الموزون، وأن ذلك الوزن لابد فيه من القصد والعمد.
واشترطوا ذلك لأنهم قالوا: إنه لو لم نشترطه لكان كل لافظ في الدنيا شاعرا، إذ ما من لافظ - إن تتبعه - إلا وجدت في ألفاظه ما يكون على الوزن. أو ما ترى إذا قيل لباذنجاني: بكم تبيع ألف باذنجانة؟ فقال: أبيعها بعشر عدليات. كيف تجد القولين على الوزن؟ وإذا قيل لنجار: هل تم ذاك الكرسي؟ فقال: نعم، فرغنا منه يوم الجمعة. كيف نجد ذلك على الأوزان؟ وعلى هذا إذا قيل لجماعة: من جاءكم يوم الأحد؟ فقالوا: زيد بن عمرو بن أسد.
وقالوا: إن تسمية كل لافظ شاعرا مما لا يرتكبه عاقل عنده إنصاف، فلذا قيد اللفظ الموزون بأن يكون ذلك عن قصد وعمد.
فمن هنا تعرف الجواب عما جاء في القرآن الكريم من الألفاظ الموزونة، فإن القرآن الكريم نظرا إلى أنه بلغ من البلاغة أعلاها، ومن الفصاحة منتهاها، ومن الانسجام والانتظام وسهولة اللفظ وسلاسة العبارة بلغ الحد الأعلى من الاعجاز، ومن أجل ذلك يوجد فيه ما يكون على وزن الشعر، فإنه من مقتضيات هذا الانسجام والسهولة، ومن لوازم الرقة والسلاسة.
ومن هنا يتفرع الجواب عما جاء في كلام النبي (صلى الله عليه وآله) مما هو على صورة الشعر الموزون، مثل قوله (صلى الله عليه وآله): " أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب " (1) والأمر مرن سيال لا في كل ما جاء على هذا المنوال، ولو أننا استقرأنا - ولو بعض الاستقراء - منثور كلام العرب، لوجدنا من ذلك الشئ الكثير.