وهذا معنى قولهم: إن الحرام هنا بمعنى الواجب، فيكون معنى الآية على هذا: وحتم على أهل قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون، والمعنى بهذا تام لا نقص فيه.
وثانيهما: أن يراد بالإهلاك هو الإهلاك المعنوي، وهو الاهلاك بالذنوب لا الاهلاك الحسي الذي هو الاهلاك بالموت، وأن يراد بالرجوع هو الرجوع المعنوي وهو الرجوع إلى التوبة لا الرجوع الحسي وهو الرجوع إلى الحياة، فيكون معنى الآية على سبيل الاختصار: حرام على أهل قرية وجدناها هالكة بالذنوب أن يتقبل منهم لأنهم لا يرجعون إلى التوبة، فالتصرف في الوجه الأول في لفظ الحرام، وفي الثاني في لفظ الواجب.
ومن ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران، وهي قوله تعالى: * (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) * (1).
ظن الظانون - خطأ - أن " لا " في قوله تعالى: * (ولا يأمركم) * زائدة، وقد استشهدوا على ذلك بشئ من شعر العرب، من ذلك قول الشاعر: (2) وتلحينني في اللهو أن لا أحبه * وللهو داع دائب غير غافل وقول الآخر: (3)