أبى جوده لا البخل واستعجلت نعم * به من فتى لا يمنع الجوع قاتله ولا حجة لهم في هذين البيتين لاحتمال أن يضمر قبل قوله: أن لا أحبه، فعل يكون المصدر المنسبك من أن، والفعل معمولا له بأن يضمر فيه: وتأمرني أن لا أحبه، أو: تدعني إلى أن لا أحبه، ولاحتمال أن تجعل " لا " في البيت الثاني اسما يضاف إلى البخل كما تجعل نعم أيضا اسما يكون فاعلا إلى قوله: " استعجلت " على أنه لو سلمنا - جدلا - زيادة " لا " في البيتين المذكورين كان الواجب أن ينزه القرآن الكريم عن مثل هذه الزيادة التي لا تمس إليها حاجة معنى أو نكتة بيانية.
والوجه الوجيه في الآية الكريمة أن يقال فيها - على القراءة التي جاءت برفع " يأمركم " -: أن يكون الفعل وهو " يأمركم " معطوفا على * (يقول) * المعطوف بثم على المنفي بقوله تعالى: * (ما كان لبشر) * يعني ليس له، والنفي ب " لا " هناك أتى به لتثبيت النفي في الأمرين، كما يقال: ليس لك أن تقوم ولا أن تأكل، وإنما ذكرت " لا " لئلا يتوهم بحذفها أن النفي إنما هو للجمع بين الأمرين، بل المراد به النفي لكلا الأمرين، أو يقال: إنها معطوفة على * (يؤتيه) * المدخول للنفي السابق عليه، والمعنى - حينذاك - يكون: ما كان لبشر أن يأمركم أن تتخذوا، وعلى كلا التقديرين وعلى كلا القولين يستقيم المعنى في الآية الكريمة بغير حاجة إلى ارتكاب الزيادة.