* (ثم أنشأناه خلقا آخر) * (1) واعترض على هذا بأن الضمير في قوله: * (خلقه) * راجع إلى آدم، وحين كان آدم ترابا لم يكن آدم (عليه السلام) موجودا.
وأجيب عن ذلك: بأنه كان موجودا، والذي وجد بعد ذلك حياته وليست الحياة نفس آدم، وضعف هذا الجواب: بأن آدم (عليه السلام) ليس هو عبارة عن مجرد الأجسام المشكلة بالشكل المخصوص، بل هو عبارة عن هوية أخرى مخصوصة، وهي إما المزاج المعتدل أو النفس.
وأجيب عن ذلك: بأنه لما كان هذا الهيكل بحيث سيصير آدم عن قريب، سماه تسمية لما سيقع باسم الواقع.
وثالثها: أن قوله تعالى: * (ثم قال له كن فيكون) * يفيد تراخي هذا الخبر عن ذلك الخبر، فكأنه قال تعالى: أنا أخبركم بأنه خلقه من تراب، أي يصيره خلقا سويا، ثم إنه يخبركم بأني خلقته، بأن قلت له: * (كن) * فيكون التراخي - على هذا الجواب - بين الإخبارين عن هذين الفعلين، لا بين نفس الفعلين، وكل واحد من هذه الوجوه هو محل مناقشة:
أما الأول: فهو أن جعل الخلق بمعنى التقدير والتسوية، أو بمعنى علم الله تعالى بكيفية إيقاع المخلوق، شئ خلاف المتبادر من لفظ الخلق، فما هو إلا استعمال على سبيل المجاز، فأين القرينة الشاهدة لهذا المجاز؟ وأين العلامة المصححة لهذا الاستعمال؟
وأما الثاني: فقد عرفت اعتراض المعترض عليه، وليس ذلك الجواب برافع شيئا من ذلك الاعتراض قدر نقير.