ثانيها: أن تكون الهاء راجعة إلى الله تعالى لتقدم ذكره تعالى أول الكلام، فكأنه: وآتى المال على حب الله، وما المقصود من إيتاء المال على حب الله إلا إثبات مرتبة الخلوص الصميم وقصد القربة الصحيحة لهؤلاء المعطين، فلا يعطون ما يعطون رجاءا لعوض، أو حبا لسمعة أو رياء، أو طلب للظهور، إنما هو لله وفي الله، وهذه هي غاية المخلصين العاملين.
ثالثها: أن تكون الهاء راجعة إلى المال، فكأنه تعالى قال: وآتى المال على حبه للمال، وفي ذلك من التدليل على بيان مقام التضحية لهؤلاء حيث إنهم ينفقون ما يحبون ويسخون بما هو مضنة الشحة حبا بما هو أعلى وأغلى من المال، وهو ثواب الله والأجر العظيم.
ونحن لو وقفنا موقف الانتقاء والاختبار لشئ من الوجوه نجدنا نختار الوجهين الأخيرين، فإن المقام مقام بيان الإخلاص الصادق الصميم، وأن هؤلاء شغفوا بالحقائق لا بالخيال، وبالواقعيات لا بالصور والأشكال، وهذا يناسب الوجهين الأخيرين، أو يتجلى فيهما أكثر من غيرهما بوضوح.
وأما الرابع: فارتفاع الموفين فيه بالعطف على من آمن فهو مرفوع لأنه معطوف على مرفوع، وأما الصابرين: فقد قيل في نصبه وجهان:
أحدهما: أنه عطف على ذوي القربى، فيكون المعنى: وآتى المال على حبه ذوي القربى والصابرين.
وثانيهما: أنه نصب على المدح، ومعناه: أنه منصوب لكونه مفعول فعل محذوف، وهذا مذهب العرب في النعوت والصفات إذا طالت، فإن من مذهبهم أن يعترضوا بينها بالمدح والذم ليمزجوا الممدوح أو المذموم ويفردوه فيكون غير متبع