لا يناله إلا الأقلاء ألا وإن كل إقدام على طاعة أو إحجام بأي شكل كان وبأي نوع يكون هو نتيجة هذه الصفة الغالية، فهنيئا للصابرين، وإن مقام الصبر هو مقام الهيمنة على الجوانح والجوارح والاستيلاء على الأبدان والنفوس، وإن القرآن الكريم والسنة النبوية الكريمة ليرفعان الصبر إلى مقام هو فوق كل مقام، ويكفينا أن نذكر قوله تعالى:
* (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) * (1) وأن نذكر ما جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله) كما جاء في المجازات النبوية: (2) " العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والعمل قيمته، واللين أخوه، والرفق والده، والصبر أمير جنوده ".
وببركة هذا الحل وعلى ضوء هذا التحليل تنحل عقدة الإشكال عن الآية الكريمة الواردة في سورة النساء وهي قوله تعالى: * (لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما) * (3).
وأن ما ورد من فضل الصلاة كتابا وسنة الذي يكفي منه قوله تعالى: * (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) * (4) وقوله عليه الصلاة والسلام: " الصلاة عمود الدين، إن قبلت قبل ما سواها، وإن ردت رد ما سواها " (5) ليبين لنا أكمل بيان، اختصاص المقيمين الصلاة بالمدح دون من اتصف بسائر الصفات.