لأول الكلام، فتظهر حينئذاك الميزة المقصودة، وفي هذا من التعزيز للشعور أو التصوير الفني والتمثيل الحسي بنقله الذهن من حال إلى حال ما لا يخفى على أولي الألباب، ولذلك من كلام العرب شواهد كثيرة وكثيرة، من ذلك: قول الخورنق بنت بدر بن هفان: (1) لا يبعدن قومي الذين هم * سم العداة وآفة الجزر النازلين بكل معترك * والطيبين معاقد الأزر فنصبت بعد أن رفعت.
وقال عروة بن الورد: (2) سقوني الخمر ثم تكنفوني * عداة الله من كذب وزور فانتقل من رفع إلى نصب.
وقال الشاعر الآخر: (3) إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم وذا الرأي حين تغم الأمور * بذات الصليل وذات اللجم فانتقل من جر إلى نصب.
فإن قال قائل - وقد قال -: ما هي الميزة التي امتاز بها الصابرون دون غيرهم ممن اتصفوا بتلك الصفات التي ذكرتهم الآية الكريمة فاختصوا بالمدح دون هؤلاء وهؤلاء؟
فإننا نقول: إن الجواب عن هذا واضح كل الوضوح، فإن للصابرين مقاما عاليا