بما في محله صحيح. أما إذا جعلت كناية عن الإله العزيز الحكيم فلا وجه لهذا التعبير، اللهم إلا أن نقول - كما قيل -: إن " ما " و " من " الموصولتين قد يتعاقبان في التعبير، وعلى كل حال فالأمر واضح كل الوضوح.
وهكذا الحال في سورة " الرحمن "، وهكذا يكون الكلام في التكرير الواقع في تلك السورة فإنه تكرار قصد به التقرير بالنعم المختلفة المعدودة، فكلما ذكر نعمة أنعم بها على العباد قرر عليها ووبخ التكذيب بها، كما يقول الرجل لغيره: ألم أحسن إليك بأن خولتك الأموال؟ ألم أحسن إليك بأن خلصتك من المكاره؟ ألم أحسن إليك بأن دفعت عنك الكروب، فكأن التكرار وقع لاختلاف ما يقرر به المخاطب من النعم المختلفة.
وإن قال قائل: إن هذا التكرار وقع بعدما هو غير معدود من النعم مثل قوله تعالى: * (يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران) * (1) وقوله تعالى: * (هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن) * (2) فالجواب هو أن يقال - وقد قيل -: هو أن فعل العقاب وإن لم يكن نعمة، فذكره ووصفه والإنذار به من أكبر النعم، لأن في ذلك زجرا عما يستحق به العقاب، وبعثا على ما يستحق به الثواب، فإنما أشار تعالى بقوله سبحانه: * (فبأي آلاء ربكما تكذبان) * (3) بعد ذكر جهنم والعذاب فيها إلى الإنعام بذكرها ووصفها والإنذار بعقابها وهذه النعمة من النعم فإن النعمة كما تكون بجلب المصلحة كذلك تكون بدرء المفسدة.
ثم نقول عودا على بدء: إن التكرار عند العرب معنى يتنافس عليه