ويا للعجب كيف رضي هؤلاء المحدثون لمجد القرآن الكريم وكرامته أن يلقي هذا الحكم الشديد على الشيخ والشيخة بدون أن يذكر السبب وهو زناهما أقلا، فضلا عن شرط الإحصان، وأن قضاء الشهوة أعم من الجماع، والجماع أعم من الزنا، والزنا كثيرا مع عدم الإحصان، سامحنا من يزعم أن قضاء الشهوة كناية عن الزنا، بل زد عليه كونه مع الإحصان، ولكننا نقول: ما وجه دخول الفاء على الخبر في قوله تعالى في سورة النور: * (الزانية والزاني فاجلدوا) * (1) لأن كلمة " اجلدوا " بمنزلة الجزاء لصفة الزنا في المبتدأ، والزنا بمنزلة الشرط، وليس الرجم جزاء للشيخوخة، وليست الشيخوخة سببا له. نعم، الوجه في دخول الفاء هو الدلالة على كذب الرواية، ولعل في رواية سليمان بن خالد سقطا بأن تكون صورة سؤاله: هل يقولون في القرآن رجم؟
وكيف يرضى لمجده وكرامته في هذا الحكم الشديد أن يقيد الأمر بالشيخ والشيخة، مع إجماع الأمة على عمومه لكل زان محصن بالغ الرشد من ذكر أو أنثى، وأن يطلق الحكم بالرجم مع إجماع الأمة على اشتراط الاحصان فيه؟ وفوق ذلك يؤكد الاطلاق ويجعله كالنص على العموم بواسطة التعليل بقضاء اللذة والشهوة الذي يشترك فيه المحصن وغير المحصن! فتبصر بما سمعته من التدافع والتهافت والخلل في رواية هذه المهزلة.
وأضف إلى ذلك ما رواه في الموطأ (2) والمستدرك وابن سعد، من أن عمر قال قبل موته بأقل من عشرين يوما - فيما يزعمونه من آية الرجم -: لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها: " الشيخ والشيخة فارجموهما البتة ".