التلاوة والحكم جميعا، والخمس مرفوع التلاوة باقي الحكم (1).
ويروى أيضا: أن سورة الأحزاب كانت بمنزلة السبع الطوال أو أزيد ثم وقع النقصان فيها (2).
هذا ما ذكره العلماء والمفسرون في تقسيم النسخ الواقع في القرآن.
أقول: أما ما هو منسوخ الحكم دون التلاوة فهو واقع في القرآن بالوجدان، ولا كلام فيه.
وأما ما هو منسوخ الحكم والتلاوة، فإنه مبني على صحة القول بوقوع النقيصة في القرآن الكريم، وقد مر عليك أن هذا القول بمكان من البطلان، مضافا إلى أن ما ادعي فيه أنه منسوخ التلاوة باقي الحكم من الخمس المعلومات في حكم الرضاع، فهذا الحكم ليس بمتفق عليه ليقال إنه باقي الحكم ويرسل القول فيه إرسال المسلمات، ونظرة عابرة على محررات الفقهاء في باب الرضاع تعطيك فكرة واسعة عن سعة الخلاف بين الفقهاء في هذا المقام.
وأما الذي هو منسوخ التلاوة دون الحكم، فقد صدق فيه قوم، وكذب فيه آخرون، والتكذيب فيه هو القول الحق والرأي الأحق، فإن في نفس ما يذكر مما يدعى أنه كان قرآنا نسخت تلاوته وبقي حكمه، ما يكون دليلا على كذبه عند من له إلمام أو بعض إلمام بأصول الدراية والحديث، بل وأصول العربية، وقواعد البلاغة، وأساليب البلغاء، وخاصة ما امتازت به كرامة القرآن الكريم عن سائر الكلام، ونحن لا نريد أن نذكر لك من المعايب والمثالب في تلك الروايات والمرويات إلا مقتصرين