ألف: إن من الواضح، أن المشركين لا يقيسون الأمور بمقاييس صحيحة، ولا يبنون علاقاتهم مع الآخرين على أساس المثل والقيم والمبادئ عموما.
وإنما ينطلقون في تقييمهم للأمور من نظرة ضيقة، ومصلحية، قائمة على أساس الأهواء، والطموحات غير المتزنة ولا المسؤولة.
وعلى هذا فقلما تجدهم يبادرون إلى إتحاف بعضهم بالهدايا ونحوها من منطلق منطقي، أو من شعور إنسان نقي وبرئ، أو من مبادئ إنسانية، ومثل عليا.
وإنما غالبا ما يكون ذلك تزلفا، وتصنعا، بهدف الحصول على ما هو أغلى، وما هو أهم، أو بهدف دفع غائلة من لا يجدون لدفع غائلته وسيلة، ولا عن التصنع والتزلف إليه مهربا، ومحيصا.
ولأجل ذلك. فلو فرض أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قد قبل هديتهم. فعدا عن كون ذلك يدخل في نطاق الموادة لهم، وهو ما ينهى عنه القرآن الكريم صراحة، فإنه لو أراد بعد ذلك أن يتخذ من انحرافاتهم وجرائمهم، موقفا رافضا ومسؤولا، فلسوف يعتبرون ذلك، ويعتبره كل من هو على شاكلتهم نكرانا للجميل، وكفرانا للنعمة، الامر الذي يجعل من هذا الامر مبررا لاية سلبية تظهر على مواقفهم منه فيما يأتي من الأيام.
كما أن رفض النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) لهديتهم، لا يعتبر مقابلة للاكرام بضده. ولا بعد خلقا سيئا، أو تصرف نابيا. إذ أن النبي (صلى الله عليه وآله) يملك كل الحق في أن يفهمهم أن القضية، قضية مصيرية، لا يمكن الاغضاء عنها، ولا التساهل فيها، ولا تخضع للمساومة، ولا للمداهنة، ولا يمكن التنازل عن أي شئ فيها في مقابل المال والنوال. ولا سيما إذا كان إعطاء المال أو تقديم الهدية يوزن بميزان