ثالثا: إن كون سرية أبي سلمة هذه قد كانت سنة ثلاث في آخرها، أو في أول سنة أربع، لا يتلاءم مع القول بأن أبا سلمة قد توفي سنة اثنتين ولا مع القول بأنه قد توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث، حسبما قدمناه، حين الكلام على وفاة أبي سلمة.
رابعا: إنه قد تقدم في المجلد الخامس من هذا الكتاب بعض القرائن التي تفيد أنه توفي سنة اثنتين، وهو ما ذهب إلى البعض، حسبما المحنا إليه حين الكلام على وفاته.
وقد ذكرنا في الجزء الخامس: أن أم سلمة قد حضرت زفاف فاطمة كزوجة للنبي، إلا أن تكون أم سلمة قد حضرت هذا الزفاف كإمرأة من النساء ويكون المراد ببيت أم سلمة: البيت الذي صار لها فيما بعد.
وإن كان ذلك خلاف الظاهر. حيث إن النبي (صلى الله عليه وآله) إنما كان يبني لزوجاته البيوت بعد زواجه بهن، ولأنه يظهر من الرواية: أنه (صلى الله عليه وآله) كان يتعامل معها كزوجة، كما ألمحنا إليه فيما تقدم.
والله هو العالم بحقيقة الحال.
ب: يلاحظ: أن الرواية المتقدمة تقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أمر أبا سلمة بالإغارة عليهم بغتة، قبل ان يعلموا أو يجمعوا الجيش.
ولعل ذلك يرجع إلى أنهم كانوا قد بادروا هم إلى نصب العداء للمسلمين، وجمع الجموع للإغارة على المدينة، فأصبحوا من المحاربين، الذين لا بد من كسر شوكتهم، ودفع غائلتهم، ولم يعد لهم أمان، ولا حرمة، ولا عهد. فلا مانع من تربص غفلتهم، والإغارة عليهم بغتة، فإنما: (على نفسها جنت براقش)، ولا يعتبر ذلك غدرا بهم، ولا تجنيا عليهم، فإن المحارب إذا قصر في الاحتياط لنفسه، لا يكون معذورا، ولا يجب على غيره أن يتوب عنه في ذلك.