ما لنا كجمع قريش، مكثت قريش دهرا تسير في العرب تستنصرها، ولهم وتر يطلبونه، ثم ساروا وقد امتطوا الإبل، وقادوا الخيل، وحملوا السلاح، مع العدد الكثير، ثلاثة آلاف مقاتل سوى أتباعهم، وإنما جهدكم أن تخرجوا في ثلاث مئة رجل، إن كملوا، فتغررون بأنفسكم، وتخرجون من بلدكم، ولا آمن أن تكون الدائر عليكم.
فكاد ذلك أن يشككهم في المسير، وهم على ما هم عليه بعد.
فذهب به صهره إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فأخبره كما أخبره.
وفي رواية: أنهم كانوا قد جمعوا، وتوجهوا إلى المدينة، ثم بدا لهم الرجوع، فرجعوا إلى منازلهم.
وعند البلاذري: كانوا قد جمعوا جمعا عظيما.
فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا سلمة، وأرسل معه نفس ذلك الرجل الذي أخبره بجمعهم، وقال (ص) لأبي سلمة: سر حتى تنزل أرض بني أسد، فأغر عليهم، قبل أن تلاقى عليك جموعهم. فخرج، وكان الطائي دليلا خريتا - أي ماهرا - فأغذ السير فسار بهم أربعا إلى قطن، وسلك بهم غير الطريق وعارض الطريق، وسار بهم ليلا ونهارا، - وفي رواية أخرى: إنهم كان يسيرون في الليل ويكمنون في النهار - ليعمي عليهم الاخبار، فسبقوا الاخبار، وانتهوا إلى أدنى قطن، ماء من مياه بني أسد.
فتذكر الرواية: أن أبا سلمة أغار على سرحهم، ودوابهم وأصابوا ثلاثة أعبد، كانوا رعاة، وهرب الباقون، وأخبروا بمجئ أبي سلمة، وكثرة جيشه - وبتعبير الواقدي: وكثروه عندهم -.
فخافوا، وهربوا عن منازلهم في كل وجه، ثم ورد أبو سلمة، فوجد الجمع قد تفرق، وجعل أصحابه ثلاث فرق، فرقة أقامت، وفرقتان أغارتا في ناحيتين شتى، وأوعز إليهم ألا يمنعوا في طلب أحد، وألا يفترقوا،