من الهجرة. وقيل: في آخر سنة ثلاث، على رأس أربعة وثلاثين شهرا كانت سرية أبي سلمة، عبد الله بن عبد الأسد، إلى قطن (1)، وكان معه مئة وخمسون رجلا من الأنصار، والمهاجرين. منهم أبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وأسيد بن خضير، وسالم مولى أبي حذيفة، وغيرهم.
فإن رجلا من طئ، وقيل من نفس الذين توجه أبو سلمة لغزوهم - واسمه الوليد بن زهير بن طريف - وقيل الوليد بن الزيه الطائي ولعله تصحيف زهير، أو العكس - كان قد قدم المدينة لزيارة زينب الطائية ابنة أخيه، وزوجة طليب بن عمير - فأخبره صهره أن طليحة وسلمة ابني خويلد قد سارا في قومهما، ومن أطاعهما يريدون أن يدنوا من المدينة لحرب رسول الله (ص).
وقالوا: نسير إلى محمد في عقر داره، ونصيب من أطرافه، فإن لهم سرحا يرعى جوانب المدينة، ونخرج على متون الخيل، فقد أربعنا خيلنا - أي أرعيناها الربيع - ونخرج على النجائب المخبورة، فإن أصبنا نهبا لم ندرك، وإن لاقينا جمعهم، كنا قد أخذنا للحرب عدتها، معنا خيل لا خيل معهم، ومعنا نجائب أمثال الخيل، والقوم منكوبون، قد أوقعت بهم قريش، فهم لا يستبلون دهرا ولا يثوب لهم جمع.
فقال رجل منهم اسمه: قيس بن الحارث، يا قوم، والله، ما هذا برأي، ما لنا قبلهم وتر، ولا هم نهبة لمنتهب، إن دارنا لبعيدة من يثرب،